dimanche 9 juin 2013

الاعلام بين امينه والمنقبة

الاعلام بين امينه والمنقبة
محمد حمدان
استاذ بمعهد الصحافة وعلوم الاخبار
منشور في موقع باب نات
اندلعت منذ الاشهر الاولى للثورة التونسية قضية ما يسمى بالمنقبات  وركزت وسائل الاعلام على هذه القضية واصبح عميد كلية الاداب بمنوبة الذي تصدى لظاهرة المنقبات بالنجومية في وسائل الاعلام الوطنية والعالمية وتواصلت متابعة القضية اعلاميا  في مختلف مراحلها القضائية باهتمام بالغ . وفي المقابل برزت لنا في الاشهر الاخيرة ظاهرة الفتاة امينة كظاهرة فايسبوكية تطورت تدريجيا لتتناقلها وسائل الاعلام التقليدية و لتصبح من اهم المواضيع التي تتناولها وسائل الاعلام الاجنبية للحديث عن تونس وزاد في تعقيد القضية دخول متعريات اجنبيات في القضية لمساندة امينة الموقوفة والمحالة على القضاء واللاتي تعرضن هن ايضا للايقاف او للطرد من تونس وهذا ما اكسب القضية طابعا سياسيا وطنيا ودوليا ولكنه لكنه اكسبها ايضا طابعا اجتماعيا لتحديد مكانة المراة التونسية في مجتمع ما بعد الثورة  واكسبها بالنسبة لنا كاعلاميين  بعدا اعلاميا يتعلق بدور الاعلام في نحت مجتمعنا الديمقراطي الجديد ومن المفروض ان نحلله بكل برصانة ومن المفروض على الهيئة التعديلية للاعلام ان تناقشة وتبت فيه
البعد الاجتماعي
من الناحية الاجتماعية الصرفة تتميز المراة التونسية منذ استقلال تونس ومنذ صدور مجلة الاحوال الشخصية بنسبة متطورة من التحرر مقارنة بغيرها من النساء العربيات على المستوى القانوني على الاقل وظهرت قضية قمع المحجبات خلال حكم بن علي ولكن المراة التونسية تمكنت من تحقيق العديد من المكاسب دون ان تفرط في هويتها العربية الاسلامية ودون ان تنجرف للانبتات او الذوبان في المنظومة الغربية رغم الانفجار الاتصالي الذي افرزه البث المباشر للقنوات التلفزية ورغم اكتساح الانترنات لكل البيوت في العالم ليصبح ظاهرة كونية .وجاءت الثورة لتحدث اختلالا في التوازن الاجتماعي الذي كان قائما ولتطرح على بساط الدرس والجدل من جديد مسالة مكانة المراة في المجتمع  وقضية علاقة المراة بجسدها ومفهوم الحياء العام والاخلاق الحميدة في المجتمع . وجاءت قضية المنقبات  لتطرح من جديد هذه القضية من زاوية دينية كرد فعل ازاء الانحلال الذي تعتبر المنقبات ان تونس انساقت اليه في عهد بورقيبه وبن علي  وللتعبير عن عودتهن الى القيم الاسلامية الاصيلة ولتاكيد تحررهن من خلال التاكيد على انهن لسن مجرد جسد للمتعة ووضع النقاب يمثل صيحة لتجاوز المنظور السائد للمراة كجسد. وفي المقابل ظهرت امينة لتؤكد ان جسدها ملك لها وليس من حق احد ان يتحكم فيه وهي حرة في تعريته ورغم التناقض الظاهر في الموقفين فانهما يعبران عن رغبة مشتركة في اعادة النظر في مكانة المراة وعن تخوف مشترك من مستقبل المراة وتبقى المنقبات والمتعريات  مع ذلك ظاهرة هامشية لاتستحق الجل الكبير القائم حولهما.
التوظيف السياسي
ولا شك ان التيارات الساسية الاصولية والحداثية ركبت على الحدثين لتوظيفهما سياسيا فاظهرت  حركة النهضة تسامحا مع ظاهرة المنقبات وابدت وزارة التعليم العالي ترددا في حسم القضية على مستوى الجامعة في حين استغلت المعارضة الحداثية القضية لتاليب الراي العام ضد النهضة ولاثارة التخوفات حول تراجع محتمل بخصوص مكاسب المراة. وعندما اندلعت قضية امينة استغلتها الاطراف الدينية الاصولية لتقديمها كنموذج للتفسخ الاخلاقي الذي يريد الحداثيون جرف  المجتمع اليه  وبقي هؤلاء الحداثيون في وضع محرج بين التاكيد على حق امينة في التعبير عن ارائها وفي التحكم في جسدها من ناحية والخشية  من اتهامهم بالالحاد والخروج عن القيم العربية الاسلامية للمجتمع من ناحية اخرى  , وتجاوز التوظيف السياسي البعد الوطني ليكتسب طابعا دوليا تتصارع من خلاله التيارات الاصولية القادمة علينا من الخليج والمشرق من ناحية والتيارات الليبرالية الحقوقية الوافدة علينا من الغرب من ناحية ثانية . واصبحت قضية امينة مصدرا للمساندة الغربية ضمن شبكة فيمن الدولية المعروفة  وذهب البعض الى حد اتهام اطراف خفية بتمويل المنقبات  وامينة لاثارة مثل هذه القضايا
الدور الاعلامي
والملفت للانتباه ان الاعلام الوطني  التقليدي  افرز حيزا هاما من اهتماماته لقضية المنقبات في حين بقيت قضية امينة محل اهتمام للشبكات الاجتماعية وللفايسبوك تحديدا .وفي حين بقيت قضية المنقبات مبنية للمجهول تم تشخيص قضية امينة لتصبح ظاهرة فردية .وكان تناول قضية امينة محتشما من قبل الاعلام المهني مقارنة بالمكانة التي اعطاها لمسالة المنقبات ومقارنة بالصدارة التي احتلتها امينة ومسانداتها في الاعلام الغربي المكتوب والسمعي البصري . وبعيدا عن التوظيف التجاري للقضيتين من قبل وسائل الاعلام لكسب المزيد من الجمهور ومن الاعلانات من خلال اعتمادها الاثارة, لم يقع طرح القضيتين اعلاميا بما يكفي من الرصانة  والعمق للتحكم فيهما ولانارة الراي العام. ونحن لا نعرف ان كان للاعلام دور في الانتشار التدريجي لظاهرة المنقبات داخل المجتمع كما لا نعرف ان كانت امينة ستكون نموذجا لغيرها من التونسيات بعد التغطية الاعلامية الدولية الواسعة لقضيتها. ومن المفروض ان تنكب الهيئة التعديلية للاعلام لتحليل الظاهرتين ومناقشتهما لوضع استراتيخية وطنية للاعلام تتحدد الصورة التي يتعين لوسائل الاعلام  التونسية الالتزام بها بخصوص مكانة المراة ومستقبلها في المجتمع .

Aucun commentaire:

Enregistrer un commentaire