dimanche 9 juin 2013

اين الهيئة الاعلامية التعديلية من حماية الطفولة ؟

اين الهيئة الاعلامية التعديلية من حماية الطفولة ؟
محمد حمدان
استاذ بمعهد الصحافة وعلوم الاخبار
طلعت علينا قناة التونسية مؤخرا في برنامج عندي ما نقلك بحوار بين طليقين يتشاجران بخصوص اثبات نسب ابن لهما للفراش . وانطلاقا من مقدمة مطولة للمنشط ابرز فيها حرفيته فاجأ المنشط الزوجة بان التحليل الجيني الذي تم القيام به يثبت ان الوليد ليس الابن البيولوجي للزوج . وبقطع النظر عن الطابع المثير والدرامي للخصام بين الطليقين  فهذا  يعني ان هذا الوليد الذي اصبح اليوم شابا اصبح معروفا لدى القاصي والداني بانه لقيط بما ان امه وطليقها ظهرا في الشاشة الصغيرة امام ملايين المشاهدين لينتهيا الى المس من حرمة حياته الخاصة . وليست هذه هي المرة الاولى التي يتورط فيه البرنامج وغيره من برامج تلفزيون الواقع في مثل هذه القضايا التي يندلع فيها خصام بين كهلين ويتسبب في النيل من سمعة احد الاطفال وفي التاثير على كامل مستقبله .
وبالنظر الى مهام الهيئات الاعلامية التعديلية في الدول الديمقراطية وعلى راسها المجلس الاعلى السمعي البصري الفرنسي نلاحظ ان حماية الطفولة تمثل احدى اهم مشمولاتها اذ تحرص على حماية الاطفال من مضار الاشهار وعلى تنبيه المشاهدين مسبقا حول السن الدنيا لمشاهدة بعض البرنامج اذا كان فيها عنف خطير او مشاهد اباحية تمس من التنشئة الطبيعية للاطفال .كما تحرص مثل هذه الهيئات على مراقبة البرامج الاجتماعية المشابهة للبرنامج المذكور حتى لا تنزلق في معالجتها لمشاكل الكبار في المس من مصالح الصغار . وتزداد اهمية هذه الوظيفة التعديلية لحماية الاطفال  خطورة في بلادنا وهي تعيش مرحلة انتقال ديمقراطي يتميز بانفلات الامن وبانتشار العنف وبترويج مشاهد عنيفة مرعبة تمس من التكوين النفسي الطبيعي للاطفال وبتحرير مشاهدة البرامج الاباحية عبر الانترنات , وبقطع النظر عن هذا الطابع السياسي الانتقالي فان المرسوم 115 الخاص بحرية  الصحافة الجديد جعل من انتهاك حقوق الطفل مبررا رئيسيا للعقاب بالسجن في جرائم الصحافة .
واذا كانت الهيئة التعديلية للاتصال السمعي البصري حديثة النشأة في تونس ولم تستكمل بعد ارساء هياكلها التنظيمية والمادية واذا كانت مواقفها من تعريفات البث الاذاعي مهمة ضمن مشمولاتها فان هذه الهيئة مدعوة اليوم بصفة اكثر الحاحا للنظر في معالجة قضايا  هامة سيكون لها تاثير خطير على صيرورة المجتمع التونسي وعلى راسها قضية حماية الطفولة في وسائل الاعلام . وارتباطا بهذه القضية الحساسة فان صورة المرأة في وسائل الاعلام تستوجب هي ايضا عناية خاصة باعتبار المرأة مواطنا تونسيا كامل الحقوق قبل كل شئ  وباعتبارها ايضا اما تسهر في مجتمعنا على تربية اطفالنا ورعايتهم . ولا يجب ان تلهينا المهام السياسية للهيئة مهما كانت اهميتها عن وظائفها التعديلية الخاصة بالمساهمة في نحت مجتمع ديمقراطي سليم يكون فيه للطفل الحق في التنشئة السليمة والمتوازنة

Aucun commentaire:

Enregistrer un commentaire